المشاركات الشائعة

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

جريمة التحريض الطائفي


 ربما لفت نظر الكثير منِّا في الآونة الأخيرة بروز ظاهرة غريبة عن مجتمعنا اليمني المتسامح،وهي ظاهرة التحريض الطائفي(المذهبي)،وقد بدأت في الحقيقة منذ بدأ التمرد الحوثي في صعده،إلا أن أخبار الحرب حينها وما تخللها من فترات هدوء،حالت دون بروز هذه الظاهرة الكارثية العواقب،ولكنها عادت الآن لتطل علينا بما تحمله من شرٍ،ونوايا  سيئة تجاه مجتمعنا،تنذر بتصدع كيان المجتمع وتهديد أمنه وسلامة أبناءه، هذه الفتنة التي لم نكن كشعب يمني متجانس نتصور أن تستيقظ في أوساطنا لتقضي على الأخضر واليابس،ولم نكن لنسمح بحدوث ذلك،إلا أننا نفاجأ الآن بمن يسعى إلى استنهاض هذه الفتنة،وإثارتها تحت مسميات كثيرة، ولعلهم لا يدركون نتائج مثل هذه الدعاوى الجاهلية،وهو ما يستدعي منا أن نلفت أنظارهم ونظر الشعب إلى ما يمكن أن تؤدي إليه مثل هذه الدعوات العنصرية من نتائج وخيمة وكارثية تهدد الحياة برمتها،وذلك بتذكيرهم بالمجازر الدامية والبشعة التي حدثت في راوندا ويوغسلافيا في تسعينيات القرن الماضي،والتي لا تزال آثارها المأساوية ماثلة للعيان.ولعل فيما حصل خلال الحرب الأهلية اللبنانية في 1975ـ1990م أبرز مثال،حيث تبدأ عادة مثل هذه الفتن بالكلام وإثارة النعرات،ثم تتطور إلى التحريض، فالحرب والمواجهة،ولعل ما يدعونا للقلق الكبير من هذه الفتنة هو ما نسمعه  بين فترة وأخرى من مواجهات دامية في حجة وغيرها من المناطق،وما تخلفه هذه الأحداث من قتلى وجرحى وأرامل وأيتام وثارات وتصدُّع في بنية المجتمع اليمني،وربما أدى ذلك إلى توسع رقعة المواجهات وشموليتها،وبالتالي تزايد الضحايا ،ولعلنا في غنى عن الإشارة إلى أن من يروجون لهذه الفتنة لا تعنيهم مصلحة الوطن في شيء،بقدر ما تعنيهم مصلحة الأطراف الخارجية التي تمولهم وتسندهم،فمصلحة الوطن لا تتحقق إلا بالسلام والأمن والتعايش المبني على التعاون والتكافل بين أبناءه.الأمر الذي يستدعي منا مواجهة مثل هذه الدعوات الهدامة والتوعية المتواصلة وبشتى الوسائل ودعوة المجتمع إلى عدم الاستجابة لمثل هذه الأصوات المأزومة،والعمل على تعزيز أواصر الإخاء والتعاون بين كافة أبناء الشعب اليمني،وتعزيز التلاحم والوحدة الوطنية،وقبول الآراء والتوجهات الفكرية مهما اختلفنا معها،وهذا ما تضمنه الدستور والقوانين الوطنية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية  للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي وقعت عليها بلدنا وأصبحت ملزمة لكل مواطن يمني بكل ما ورد فيها من أحكام،بموجب حكم المادة(6) من الدستور اليمني التي أكدت على العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي بصورة عامة،وهذه الأخيرة تجعل من التحريض أو الدعوة إلى الكراهية،والتمييز العنصري بكل أنواعه وعدم احترام الآخر،أو التضييق عليه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تقتضي معاقبة مرتكبيها كما تنص على ذلك أحكام المواد(7،17، 18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،والمادة(18،20/2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،المواد(2/أ،ب،د،4/أ،ب،ج،5) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،وكل ذلك يجعل ممن يروجون لهذه الفتنة تحت طائلة العقاب بما اقترفت أيديهم من جرم تجاه المجتمع.  

      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق